الخميس، 21 يناير 2016

معجزات ابراهيم عليه السلام




بسم الله الرحمان الرحيم

 معجزات ابراهيم عليه السلام

النار لا تحرق النبي 


قال تعالى:{ قالوا حرّقوه وانصروا آلهتكم ان كنتم فاعلين* قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم* وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين} الأنبياء 68-70. 



ابراهيم الخليل عليه السلام نبي الله, وهو خليل الرحمن, وأبو الأنبياء الأكبر من بعد نوح عليهما السلام, ولد ابراهيم عليه السلام في أور الكلدانيين في العراق, أما أبوه فهو "آزر" كما ورد في القرآن الكريم, وكان قوم ابراهيم عليه السلام الذين ولد فيهم يعبدون الكواكب السيّارة والأصنام, وقد دلت الآثار التي أكتشفت في العراق على صحة ما عرف في التاريخ من عبادتهم للأصنام الكثيرة, كما ورد في القرآن الكريم حتى كاد أن يكون لكل منهم صنم خاص به سواء الأغنياء أو الفقراء منهم في ذلك. 



وقد عاب ابراهيم عليه السلام على قومه في العراق شركهم بالله وعبادتهم الأصنام, وجادل أباه وقومه في ذلك, ثم أراد أن يلفت أنظارهم الى باطل ما هم عليه من عبادة غير الله بما جاء به من حجج مقنعة وقوية وقيامه بتكسيره أصامهم الا كبيرهم, ولكن لم يرجعوا عن كفرهم وضلالهم, وانما قرروا قتله بالقائه في النار. 



هذه السطور هي ملخص سريع لقصة سيدنا ابراهيم الى أن جاءت معجزة خروجه من النار ونجاته منها. ولنر هذا الصراع من البدء الى أن وصل الى نقظة القرار الشرير وهو السعي الى حرق ابراهيم عليه السلام بالنار والتخلص منه. 



1. حوار مع الأب 



بدأ ابراهيم عليه السلام حوارا مع أبيه بالدعوة الى الله فنهاه عن عبادة الأصنام وقد ذكر ذلك في القرآن الكريم. 



قال عز وجل:{واذ قال ابراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة اني أراك وقومك في ضلال مبين}. الأنعام 74. 



ولقد أنكر ابراهيم عليه السلام على أبيه عبادة الأصنام, وقال له: اني أراك وقومك تسلكون مسلك الضلال, فأنتم لا تهتدون الى الطريق الصحيح, انكم تائهون لا تهتدون الى أين تذهبون, ان ضلالكم هذ واضح لا شبهة فيه لأن الأصنام والأوثان التي تعبدونها, والتي اتخذتموها آلهة لكم, لا تصلح أن تكون آلهة في أنفسها. 



قد آمن ابراهيم عليه السلام وأيقن أن الله واحد لا شريك له صاحب معجزات تفوق كل هذا الكون آمن بذلك وبدأ يضرب الأمثال لقد أراه ربه الدلالة على وحدانيّته, فلما رأى كوكبا قال لقومه هذا ربي على زعمكم, لأنهم كانوا يعبدون الكواكب والشمس والنجوم والقمر, وكذلك قال ابراهيم لقومه عن القمر فقال: انه ربي على زعم أنكم تقولون أنه اله ورب وكذلك عن الشمس, فلما غابت وأفلت, وقد رأى أفول الشمس قال للناس مبرّئا نفسه من الكفر والشرك: اني بريء من شرككم بالله تعالى. واني بريء أيضا من هذه الأصنام والكواكب والمعبودات التي جعلتموها آلهة مع الله, وقال ابراهيم عليه السلام:{ قال يا قوم اني بريء مما تشركون}. الأنعام 78. 



ثم أضاف ابراهيم عليه السلام مبلّغا قومه رسالته ودينه وربّه الذي آمن به, فقال: 



{ اني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا, وما أنا من المشركين} الأنعام 79. 



وهنا يقصد ابراهيم عليه السلام أنه قصد بعبادته وتوحيده لله عز وجلّ, وبذلك يكون ابراهيم عليه السلام حنيفا,اي مائلا للحق ومنحازا له, وقال ابراهيم عليه السلام نافيا عن نفسه الشرك:{ وما أنا من المشركين} ولن أشرك بعبادة ربي أبدا فهو الذي خلقني ورزقني ومنّ عليّ بكل هذه النعم التي لا تحصى ولا تعد. 



ولكن القوم لم يقتنعوا بكل هذه الحجج القويّة والدعوة الواضحة. 



2. حوار مع قومه 



جادل القوم الكفار ابراهيم عليه السلام فيما يقوله وفيما توصّل اليه من الحق بشأن معبوداتهم الباطلة, لم يقنعهم قول الحق الذي قاله ابراهيم عليه السلام فقال لهم: أتجادلونني في أمر الله الذي لا اله الا هو, وقد بصّرني وهداني الى الحق, فكيف ألتفت الى أقوالكم الفاسدة, وانني لا أخاف من آلهتكم ولا أبالي بها ولا أقيم لها وزنا أبدا فان كانت حقا آلهة وكان لها ضرر أو كيد فكيدوني بها ولا تمهلوني, فالذي ينفع ويضر هو الله وحده أفلا تعتبرون وتعقلون وتتذكرون ما بيّنته لكم لتعلموا أن هذه الأصنام باطلة فتبتعدوا عن عبادتها, كيف أخاف من هذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله ولا تخافون أنتم من الله الذي أشركتم به. 



فأي الطائفتين يا قوم أحق بالأمن والطمأنينة والنجاة من عذاب الله يوم القيامة. هل هو الفريق الذي يعبد أصناما خرساء صمّاء لا تنفع ولا تضرّ, ولا تنطق ولا تعقل, أو من يعبد الله الذي بيده الضرر والنفع, وخالق كل هذه النعم, وكل هذا الكون بما فيه الكواكب والشمس والقمر والأحجار التي تعبدونها فهل تعقلون كل هذا؟ ان كنتم تعقلوه فاعبدوا الله وحده لا شريك له واتركوا عبادة الأصنام. 



أما الامنون المطمئنون فهم الذين أخلصوا العبادة لله وحده لا شريك له, سبحانه عز وجلّ, ان هؤلاء المؤمنين هم الآمنون المهتدون في الدنيا. 



3. حوار مع الأب ثانية 



حرض ابراهيم كل الحرص على هداية أبيه وضمّه الى دعوة التوحيد وترك الشرك بالله عز وجل, فكان عليه السلام صريحا معه, يصارحه فيما هو عليه من الكفر, ويقول له ان هذا الكفر ان لم يقلع عنه ويتركه سيذهب الى النار, وسيعذب عذابا شديدا. 



لذلك فقد كان ابراهيم عليه السلام لطيفا ليّنا مع أبيه فهو يكرر دعوته له بغاية التلطف واللين معه, مستعملا في حديثه كلمة {يا أبت} يشعره بأنه ابنه البار الحريص على ما ينفع أباه. وقد جاء حديثه في القرآن الكريم مع أبيه لطيفا ليّنا فقال له: 



{واذكر في الكتاب ابراهيم, انه كان صدّيقا نبيّا* اذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا} مريم 41-42. 



لقد سلك ابراهيم عليه السلام في دعوته لأبيه مسلكا عظيما, ومنهجا حسنا, واحتج عليه أبدع احتجاج كل ذلك بحسن أدب وخلق جميل, حتى لا تأخذه عزة نفسه فيرتكب ذنبا ويستمر في شركه وكفره. 



لقد طلب ابراهيم من أبيه معرفة السبب في عبادته لما لا ينفع ولا يضر ولا يستحق العبادة أصلا, كيف يترك عبادة الله الخالق الرازق النافع الضار الذي يحيي ويميت؟! وهل يستسيغ ذلك عاقل؟! 



وابتعد ابراهيم عليه السلام عن وصف أبيه بالجهل فقال:{ يا أبت اني قد جاءني من العلم ما لم يأتك}. مريم 43. 



كان ابراهيم عليه السلام في حديثه وسطا, فلم يصف أباه بالجهل المطلق, ولم يصف نفسه بالعلم الفائق, ولكنه قال عليه السلام لأبيه: ان معي طائفة من العلم وشيئا منه ليس معك, وذلك علم الدلالة على الحق والطريق الصحيح, وهي دلالات وحجج واضحة قوية حاسمة لا لبس ولا شكّ فيها, فلا تستكثر يا أبت عليّ النصح وأقبل قولي. فلك أن تتصوّر أنني أسير معك في طريق وعندي معرفة بالطريق ومسالكه, فمن مصلحتك أن تتبعني حتى تنجو من الضلال والتيه. 



وحذر ابراهيم عليه السلام أباه من عبادة الشيطان, فقال له: 



{ يا أبت لا تعبد الشيطان, ان الشيطان كان للرحمن عصيّا} مريم 44. 



أي أن عبادتك لغير الله من أصنام وأوثان هي عبادة للشيطان, لأن الشيطان هو الذي يأمر بذلك وهو المؤول عنها, ولا ينبغي لك أن تطيع من يعصي الله الذي خلقك وأنعم عليك. 



ثم قال ابراهيم لأبيه في تلطف: يا أبت اني أخاف ان عصيت الله وواليت عدوّه أن يقطع رحمته عنك كما قطعها عن الشيطان, فتكون كالشيطان يصيبك عذاب شديد. 



وقد كان كل هذا التحذير والتخويف واضحا, ولكنه حمل أدبا وحسن خلق من ابراهيم حين قال:{ أخاف أن يمسّك عذاب} مريم 45. 



فذكر ابراهيم عليه السلام خوفه عليه حتى من مس العذاب. 



هكذا كان ابراهيم عليه السلام لطيفا مع أبيه, حسن الخلق ينصحه ويدعوه لطاعة الله, فيبدأ كل نصيحة من نصائحه الأربع بقوله { يا أبت} على سبيل التوسل اليه والاستعطاف, ونيل رضاه, بذلك ضرب ابراهيم عليه السلام مثلا عظيما في حسن الخلق والتأدب مع أقرب الناس اليه وهو أبوه آزر, ولكن هل كان رد الأب ايجابيا؟ 



للأسف, لم يكن كذلك, فقد أصرّ على عناده وكفره وقال لابراهيم: أمعرض أنت يا ابراهيم ومنصرف عن آلهتي؟ لئن لم تمتنع عن الطعن والاساءة لآلهتي وان لم تبتعد عن نصحك لي بترك عبادتها لأررجمنّك بالحجارة, هيا اهجرني وابعد عني ولا تعد تأتيني أبدا. 



سمع ابراهيم عليه السلام ردّ أبيه, ولم يعارضه بسوء الرد ولم يستمر معه في الجدال, وانما قال له: 



{ سلام عليك سأستغفر لك ربي انه كان بي حفيّا}. مريم 47. 



لن أصيبك بمكروه يا أبي, ولكن سأدعو ربي أن يغفر لك انه كان بي حفيا أي مبالغا في اللطف بي. القرطبي ج1 ص111-113. 



وقال ابراهيم عليه السلام: سأجتنبكم وأتبرأ منكم ومن آلهتكم التي تعبدونها من دون الله, وأعبد ربي وحده لا شريك له عسى أن لا أكون بدعائه خائبا ضائع الجهد والسعي. ومضى ابراهيم عليه السلام لشأنه. 



4. حوار قبل تحطيم الأصنام 



عاد ابراهيم عليه السلام ليحاور قومه, عسى أن يعودوا عن عنادهم وكفرهم, وسألهم قائلا: {ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون} الأنبياء 52. 



فأجابوا على الفور:{ قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين} الأنبياء 53. 



أي أنهم يعبدونها تقليدا لأسلافهم وأجدادهم, وحجتهم أمام ابراهيم هي تقليد آبائهم الذين ضلوا الطريق. 



فقال لهم ابراهيم عليه السلام وعلى الفور وفي جرأة شديدة: 



{ لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين} الأنبياء 54. 



عند ذلك اتهموا ابراهيم عليه السلام باللعب بالألفاظ وقالوا له: 



{ قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين}. الأنبياء 55. 



أي: أجئتنا بالجد في دعوتك ورسالتك ونسبتنا الى الكفر والضلال, أم أنت من اللاعبين المازحين في كلامهم, اننا لم نسمع من قبل كلاما كالذي تقوله يا ابراهيم. 



فقال ابراهيم عليه السلام: لست بلاعب, بل أدعوكم الى الله ربكم خالق السموات والأرض الذي خلقهن وأبدعهن انه هو الذي يجب أن يعبد وليس هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع وأنا على ذلكم من الشاهدين, قوي الحجة, فهذه حجتي التي لا ينكرها أحد, وأنتم تحتجون بحجة باطلة وهي أنكم وجدتم آباءكم يعبدونها. 



5. ابراهيم يحطم الأصنام 



بعد انتهاء هذا الجدال بين ابراهيم عليه السلام وقومه أراد ابراهيم عليه السلام أن يلفت أنظارهم, فعزم على تكسير أصنامهم وتحطيمها, لقد أقسم ابراهيم قائلا:{ وتالله لأكيدنّ أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين} الأنبياء 57. 



وانتظر ابراهيم انصرافهم وخروجهم من عيدهم وتجمعهم, وحمل فأسا ومضى الى حيث توجد الأصنام وجعل يحطم ويكسر الأصنام, حتى جعلها جميعا قطعا متناثرة هنا وهناك وأبقى على صنمهم الأكبر, أكبر صنم فيهم وعلّق في عنقه الفأس التي كسر بها بقيّة الأصنام, لعلهم يرجعون الى ابرهيم عليه السلام ودينه ويتعظون بهذه الموعظة. 



6. بدء المعجزة 



عاد الكفار الى الأصنام وهالهم وروّعهم ما شاهدوه.. لقد كسرت أصنامهم جميعها وعلّق الفأس في عنق الصنم الأكبر فقالوا: من الظالم الذي فعل هذا بآلهتنا؟ انه جريء في ظلمه هذا. 



كان بعض الناس من الكفار قد سمعوا ابراهيم عليه السلام ويقول:{ لأكيدنّ أصنامكم} فقالوا: سمعنا فتى يذكر أصناما بمكروه منه اسمه ابراهيم. 



فقرروا أن يشكّلوا له محكمة يحاكمونه فيها أمام حشد كبير من الناس وهذ ما يريده ابراهيم عليه السلام, حتى يبيّن لأكبر عدد من الناس وأمام أكبر عدد منهم أنهم جاهلون, وأغبياء عندما عبدوا هذه الأصنام التي لا تدفع عنهم الضرر ولا تدفع حتى عن نفسها الضرر, ولا تملك لنفسها ضرّا نصرا عندما تتعرّض لسوء وهذا أمر ماثل وواضح أمامكم. 



واحتشد الناس وجيء بابراهيم أمام حشد هائل من الناس وطرح عليه السؤال:{ أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا ابراهيم} الأنبياء 62. 



أجابهم بما يريد من اثبات بطلان حجتهم, وغباء تفكيرهم قال:{ بل فعله كبيرهم هذا فسئلوهم ان كانوا ينطقون}!! حتى يتبيّن لهم أن هذه الأصنام لا تنطق ولا تعقل فهي جماد, وبهذا قصد ابراهيم تقريعهم وتوبيخهم على عبادة هذه الأصنام, فراجعوا عقولهم, ورجع بعضهم الى بعض لضعف حجتهم وعجزهم عن الرد, وقال بعضهم لبعض: أنتم الظالمون بعبادة من لا ينطق بلفظة ولا يملك لنفسه شيئا, فكيف بنفع من يعبده ويدفع عنه الضرر وقد فشلوا في منع الفأس من تكسيرهم وتحطيمهم. 



ولكن الكفار عادوا الى جهلهم وعنادهم وقالوا لابراهيم: لقد علمت أنهم لا ينطقون يا ابراهيم فكيف تقول لنا اسألوهم ان كانوا ينطقون, وأنت تعلم أنها لا تنطق؟ 



عند ذلك بدأ ابراهيم عليه السلام في استثمار هذا الموقف بعد أن وضعهم في أوّل طريق الحجة السليمة الصحيحة فقال لهم: 



اذا كانت لا تنطق ولا تنفع ولا تضر فلم تعبدونها من دون الله؟, ثم تضجّر ابراهيم وتأفف منهم وقال لهم:{ أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون} الأنبياء 67. 



ورغم كل ذلك فقد صدر الأمر, أمر العاجز عن الاقناع بالحجة صدر الأمر بقتل ابراهيم عليه السلام, وأن يكون هذا القتل بطريقة بشعة, انه الحرق بالنار حتى الموت. 



قالوا: { حرّقوه وانصروا آلهتكم ان كنتم فاعلين} الأنبياء 68. 



وجاء قولهم أو حكمهم في موضع آخر من الآيات الكريمة:{ قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم* فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين*} الصافات 97-98. 



لقد عدلوا عن الجدال والمناظرة لما انقطعت حجتهم وغلبهم ابراهيم عليه السلام بالحق, ولم تبق لهم حجة ولا شبهة الا استعمال قوتهم وسلطانهم, لينصروا ما هم عليه من سفههم وطغيانهم, فكادهم الله جل جلاله, وأملى كلمته ودينه وبرهانه. 



7. بدء المعجزة 



ذهب الكفار الى رجل من الأكراد يقال له "هيزن" وطلبوا منه أن يصنع منجنيقا ليضعوا فيه ابراهيم عليه السلام ويلقوه في النار. 



وشرعوا على الفور في جمع الحطب من جميع الأماكن والشعاب هنا وهناك, فمكثوا مدة طويلة حتى أن المرأة منهم كانت اذا مرضت تنذر لئن عوفيت لتحملن حطبا لحرق ابراهيم عليه السلام, وحفروا حفرة ضخمة فوضعوا فيها كل الحطب الذي جمعوه, وأشعلوا النار, فاضطرمت وتأججت والتهبت علاها شرر لم ير مثله قط. 



ثم أخذوا يقيّدون ابراهيم ويكتنفونه ويربطونه بالحبال وهو يقول:" لا اله الا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد ولك الملك, لا شريك لك" رواه ابن عسكر في تاريخه 2\147. 



فلما حملوه ووضعوه في كفة المنجنيق مقيّدا مكشوفا وأطلقوه الى النار بالمنجنيق, لقيه جبريل في الهواء فقال له: يا ابراهيم ألك حاجة؟ 



فقال: أما اليك فلا! قصص الأنبياء لابن كثير ص 121. 



وجاء أمر الله فوريّا وسريعا للنار فقال عز وجل:{ يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم} 



حتى قيل أنه لولا أن الله قال:{ وسلاما على ابراهيم} لآذى بردها ابراهيم عليه السلام. 



وقيل انه لم يصب ابراهيم عليه السلام منها الا العرق على وجهه كان يمسحه جبريل عليه السلام. 



ولما ألقي ابراهيم عليه السلام في النار كان يقول: 



اللهم انك في السماء واحد, وأنا في الأرض واحد أعبدك. 



وكان معه في النار ملك الظل, وصار ابراهيم عليه السلام من ميل الحفرة حوله نار وهو في روضة خضراء, والناس ينظرون اليه لا يقدرون على الوصول, ولا هو يخرج اليهم. 



ومكث ابراهيم في النار أربعين يوما أو خمسين يوما كانت أطيب عيشا وأكثر بردا وسعادة. 



ولم تحرق النار منه سوى وثاقه وحبله الذي ربطوه به فقط وكانت النار بردا وسلاما على ابراهيم, خرج منها بمعجزة عظيمة منّ الله بها عليه, وأبت النار أن تحرق الا الكفار, فانها لا تحرق الأنبياء بأمر الله, وهذه معجزة من معجزات ابراهيم عليه السلام التي منّ الله بها عليه.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة 2016 اسلامنا حياتنا.