حذرنا سيدنا رسلول الله -صلى الله عيه وسلم- من الفتن وحثنا على الاستعاذة منها وفعل الطاعات حتى ينجى المسلم من الفتن التى قد تصيبه، وقد اهتم سيدنا النبى بـ5 فتن وحثنا على الاستعاذة منهم فى الصلوات الخمس ومنها ما ورد:
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنْ الْمَغْرَمِ فَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ"»، رواه البخارى.
وقال الإمام ابن حجر العسقلانى فى كتابه فتح البارى لشرح صحيح البخارى، إن قول النبى: « كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»، أى أن سيدنا رسول الله استعاذ من الفتن بعد كل صلاة يصليها، وقيد كلمة «المسيح» بالدجال للتفريق بينه وبين عيسى ابن مريم -عليه السلام-.
وتابع: «الدجل هو الخلط وسمى بذلك لكثرة خلطه الباطل بالحق، وقيل: أنه بمعنى كذب والدجال الكذاب، وسمى بالمسيح لأن إحدى عينيه ممسوحة، وقيل: لأنه يمسح الأرض أى يقطعها فى أيام معدودة، وقيل: لأن الخير مسح منه فهو مسيح الضلال»، ، لافتا أن الرسول استعاذ من فتنة الدجال مع علمه عدم إدراكه تعليماً لأمته، لينشر خبره بينهم جيلاً بعد جيل بأنه كذاب مبطل ساعٍ على وجة الأرض بالفساد حتى لا يلتبس كفره عند خروجه على من أدركه.
وأوضح ابن حجر فى شرحه للحديث، أن قوله – صلى الله عليه وسلم -: «وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ»، أى ما يعرض للإنسان مدة حياته من الإفتتان أى الابتلاء بالدنيا والشهوات والجهالات وما يفتتن به عند الموت فى أمر الخاتمة، وأضيفت إليه لقربها منه أو من فتنة القبر، وقيل: أراد بفتنة المحيا الابتلاء مع زوال الصبر، وبفتنة الممات السؤال في القبر مع الحيرة لأن عذاب القبر داخل تحت فتنة الممات فالعذاب مرتب على الفتنة، وفتنة الدجال داخلة تحت فتنة المحيا.
وأضاف العسقلانى أن قوله: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ»، أى ما يأثم به الإنسان أو الأثم نفسه، والمغرم هو الدين فيما يجوز، وفيما لا يجوز ثم يعجز الإنسان عن أدائه فالأول حق الله تعالى، والثانى حق العباد، والسبب الذى جعل النبى، يستعيذ من المغرم أن الإنسان إذا كان عليه دين ولم يستطيع أن يؤديه يكون كذباً كأن يقول (أنا غنى ولى من المال كذا وكذا) وليس كذلك فيصير كذاباً وعندما يقول لصاحب الدين أوفيك دينك فى يوم كذا ولم يوف فصار مخلفاً لوعده والكذب وخلف الوعد من صفات المنافقين.
وأشار ابن حجر إلى أن هذا الدعاء صدر من النبى -صلى الله عليه وسلم- على سبيل التعليم لأمته لأنه معصوم من ذلك أو أنه سلك به طريق التواضع وإظهار العبودية والتزام خوف الله تعالى والافتقار إليه ولا يمتنع من ذلك تكرار الطلب مع تحقيق إجابة لأن ذلك يحصل الحسنات ويرفع الدرجات
0 التعليقات:
إرسال تعليق